هكذا كان اللقاء...
ذات يومٍ تحت رشقاتِ المطرْ...
كنتُ في المقهى وكنتِ على الرصيفِ تحدقينْ...
بنوافذ المقهى وألوانِ البشرْ
عابرينَ مثرثرين ...
بهمومهم متسكعينْ...
سمراءُ بللها الشتاءُ ومات في فمها الكلامْ...
والمصابيحُ الهزيلةُ مثل زائغةِ البصرْ ....
ليسَ يعنيها المطرْ...
وسوادُ شعركِ فوقَ خديكِ تجمعَ وانتشرْ...
- - - - - - - -
والتقينا بعد ذلك في المساءْ...
بعد أنْ كنا بصحراءِ الحياةِ بلا ظلالْ...
وجعُ الظما.. طولُ الفيافي والرمالْ...
والتقينا كيف داهمنا اللقاءْ؟؟...
نعمةُ الميناءِ بيتٌ فيه أنفاس الهوى..
فيهِ دفءُ الحالمينَ بلمسِ نجماتِ السماءْ...
- - - - - - - -
من كانَ يدري أنَّ جذعَ السنديان قضى بصمتٍ وانكسرْ..
هل يسقطُ القمرُ الحزينُ من السماءْ؟؟
أو تنمحي منها النجومْ؟..
بعد أن تذوي البراعمُ في ربيعٍِ منتحرْ...
- - - - - - - -
لمَّا وقفنا في المحطةِ للوداعْ
ألجمَ الصمتُ كلينا.. وانتهى منا الكلامْ..
ربما.. قد لا يكونُ لنا غدٌ ً أو لا يكونُ لنا لقاء...
إذْ لا يبشرُ دربكِ النائي بآمال الإيابْ...
والتقتْ منا العيونْ... في هنيهاتِ التياعْ..
ثمَّ أغرقنا الضبابْ...
والقطار...
يصيحُ مسعورَ النداءْ...
يدعو زبائنهُ الحيارى للركوبِ وللبكاءْ...
وأنا وأنتِ حكايةٌ وسط الضياعْ...
- - - - - - - -
ستغادرينْ....
وستطفئينَ بريقَ أيامي وأفراحَ السنين...
وستذبلينَ كوردةٍ قطفتْ يمزقها الحنينْ...
وأنا سأقضي صامتاً بين التوجعِ والأنينْ...
ويصيحُ محتجاً علينا صارخاً صوتُ القطارْ..
ينسلُ يبدأ زحفه متسارعاً فوق الحجارْ
ومسافروهُ تراكضوا يتدافعونْ...
نحو الحجيرات الحبالى بالبكاءِ وبالدموعْ..
وعلى صدى إيقاعه يذوي وينتحرُ النهارْ...
لِمَ لا تهمي بامتطاءِ الهجرِ في متن القطارْ؟...
ويغادرُ التنينُ قلعتهُ إلى الأفقِ البعيدْ..
غيرَ أنَّا لا نزالُ أنا وأنتِ على الرصيفِ مسمرينْ...
والحبُّ أسدلَ ستره الحاني علينا والمساءْ..
نبكي ويحجبنا الضباب ...
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
23-05-2009